تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي - ج ٥

الشيخ محمد حسن القبيسي العاملي

تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمد حسن القبيسي العاملي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البلاغ
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٠

ففعل ذلك آدم (ع) ولذلك سمى المعرف لان آدم اعترف فيه بذنبه وجعل سنة لولده يعترفون بذنوبهم كما اعترف آدم ويسألون التوبة كما سألها آدم.

ثم أمره جبرائيل فأفاض من عرفات فمر على الجبال السبعة فأمره ان يكبر عند كل جبل أربع تكبيرات ففعل ذلك آدم حتى انتهى الى جمع ـ وهي المزدلفة ـ

فلما انتهى الى جمع ثلث الليل فجمع فيها بين المغرب والعشاء الآخرة تلك الليلة ثم امره ان ينبطح في بطحاء جمع حتى انفجر الصبح وامره اذا طلعت الشمس ان يعترف بذنبه سبع مرات ويسأل الله التوبة والمغفرة سبع مرات ففعل ذلك كما أمره جبرائيل (ع) وانما جعله اعترافين ليكون سنة في ولده فمن لم يدرك منهم عرفات وادرك جمعا فقد وافى حجه. ثم أفاض من جمع الى منى فبلغ منى ضحى فأمره فصلى ركعتين في مسجد منى ثم أمره أن يقرب لله القربان. فقرب آدم قربانا فقبل الله منه ...

فقال له جبرائيل ان الله قد أحسن اليك اذ علمك المناسك التي يتوب بها عليك وقبل قربانك فاحلق رأسك تواضعا لله عزوجل. فحلق آدم رأسه تواضعا لله عزوجل.

ثم أخذ جبرائيل بيد آدم (ع) فانطلق به الى البيت فعرض له ابليس عند الجمرة فقال له ابليس لعنه الله : يا آدم أين تريد فقال له جبرائيل (ع) يا آدم ارمه بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة تكبيرة. ففعل ذلك آدم ، فذهب ابليس. ثم عرض له عند الجمرة الثانية فقال له : يا آدم أين تريد فقال له جبرائيل (ع) : ارمه بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة تكبيرة. ففعل ذلك آدم فذهب ابليس فقال له جبرائيل : انك لن تراه بعد مقامك هذا أبدا ثم انطلق به الى البيت فأمره أن يطوف بالبيت سبع مرات وأتم ما ذكر آنفا.

٥٠١

(الصادق (ع) مع ابن العوجاء)

عن عيسى بن يونس قال : كان ابن ابي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد فقيل له : تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة.

فقال : ان صاحبي كان مخلطا. كان يقول طورا بالقدر وطورا بالجبر. وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه. وقدم مكة متمردا وانكارا على من يحج وكان يكره العلماء مجالسته ومسائلته لخبث لسانه وفساد ضميره.

فأتى ابا عبد الله (ع) فجلس اليه في جماعة من نظرائه فقال : يا أبا عبد الله ان المجالس أمانات ولا بد لكل من به سعال أن يسعل. أفتأذن في الكلام. فقال (ع) : تكلم.

فقال : الى كم تدرسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المعمور بالطوب والمدر. وتهرولون حوله هرولة البعير اذا نفر. ان من فكر في هذا وقدر ، علم ان هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر. فقل فانك رأس هذا الامر وسنامه وابوك أسسه وتمامه.

فقال الصادق (ع) : ان من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق. ولم يستعذ به. وصار الشيطان وليه وربه وقرينه. يورده مناهل الهلكة ، ثم لا يصدره.

وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في اتيانه. فحثهم على تعظيمه. وزيارته ، وجعله محل انبيائه وقبلة للمصلين اليه. فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي الى غفرانه. منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال. خلقه قبل دحو الارض بألفي عام فأحق من أطيع فيما أمر ونهى وجزر الله عنه. المنشىء للارواح والصور.

وروى عن امير المؤمنين (ع) في خطبته له انه قال : ولو أراد الله

٥٠٢

جل ثناؤه بأنبيائه حيث بعثهم ان يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان. وان يحشر معهم طير السماء ووحش الارض لفعل. ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الانباء. ولما وجب للقائلين أجور المبتلين. ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين. ولا لزمت الاسماء أهاليها على معنى معين. ولذلك لو أنزل الله من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين.

ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين. ولكن الله جل ثناؤه جعل رسله أولي قوة في عزائمهم وضعفة فيما ترى الاعين من حالاتهم مع قناعة تملأ القلوب والعيون غناؤه. وخصاصة تملا الاسماع والابصار اذاؤه.

ولو كانت الانبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك يمد نحوه أعناق الرجال ويشد اليه عقد الرحال. لكان أهون على الخلق في الاختبار وابعد لهم في الاستكبار. ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم. أو رغبة مائلة بهم ، فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة.

ولكن الله عزوجل أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام لطاعته أمورا له خاصة لا تشوبها من غيرها شائبة. وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل. ألا ترون ان الله عزوجل اختبر الأولين من لدن آدم الى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع. فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما ثم وضعه بأوعر بقاع الارض حجرا. وأقل نتائق الدنيا مدرا وأضيق بطون الاودية معاشا وأغلظ محال المسلمين مياها. بين جبال خشنة ورمال دمثة وعيون وشلة وقرى منقطعة وأثر من مواضع قطر السماء. واثر ليس يزكو به خف ولا ظلف ولا حافر.

٥٠٣

ثم أمر ولد آدم أن يثنوا أعطافهم نحوه. فصار مثابة لمنتج أسفارهم وغاية لملقى رحالهم تهوي اليه ثمار الافئدة من مفاوز قفار متصلة وجزائر بحار منقطعة. ومهاوى فجاج عميقة. حتى يهزوا مناكبهم ذللا. يهللون لله ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا. قد نبذوا القنع والسراويل وراء ظهورهم. وحسروا بالشعور حلقا عن رؤوسهم ابتلاء عظيما واختبارا كبيرا وامتحانا شديدا وتمحيصا بليغا وقنوتا مبينا.

جعله الله سببا لرحمته ووصلة ووسيلة الى جنته. وعلة لمغفرته وابتلاء للخلق برحمته. ولو كان الله تبارك وتعالى وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وانهار وسهل وقرار جم الاشجار ، داني الثمار ملتف النبات متصل القرى ، من برة سمراء وروضة خضراء وارياف محدقة وروضات مغدقة وزروع ناضرة ، وطرق عامرة وحدائق كثيرة ، لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلاء.

ثم لو كانت الاساس المحمول عليها والاحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء وياقوتة حمراء ونور وضياء لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور ، ولوضع مجاهدة ابليس عن القلوب ولنفى معتلج الريب من الناس.

ولكن الله عزوجل يختبر عباده بأنواع الشدائد ويتعبدهم بألوان المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره. اخراجا للتكبر من قلوبهم واسكانا للتذلل في أنفسهم ، وليجعل ذلك أبوابا الى فضله وأسبابا ذللا لعفوه وفتنته كما قال عزوجل في كتابه :

(الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) ٢٩ / ٢ ي

٥٠٤

(كيفية بناء الكعبة في زمن الحجاج)

عن ابان بن تغلب قال : لما هدم الحجاج الكعبة في قتاله مع عبد الله بن الزبير ، فرق الناس ترابها ، فلما صاروا الى بنائها فارادوا أن يبنوها خرجت عليهم حية فمنعت الناس من البناء حتى هربوا فأتوا الحجاج فأخبروه فخاف ان يكون قد منع بناءها فصعد المنبر ثم ناشد الناس وقال : انشد الله عبدا عنده مما ابتلينا به علم لما أخبرنا به قال :

فقام شيخ فقال : ان يكن عند أحد علم فعند رجل رأيته جاء الى الكعبة فأخذ مقدارها ثم مضى فقال الحجاج : من هو قال : هو علي بن الحسين (ع) فقال : معدن ذلك فبعث اليه. فأتاه (ع) فأخبره ما كان من منع الله اياه البناء فقال (ع) : يا حجاج عمدت الى بناء ابراهيم واسماعيل فألقيته في الطريق وانتهبته كأنك ترى انه تراث لك. اصعد المنبر وانشد الناس ان لا يبقى أحد منهم أخذ منه شيئا الا رده.

قال : ففعل فانشد الناس ان لا يبقى احد منهم عنده شيء الا رده قال : فردوه فلما رأى جمع التراب أتى علي بن الحسين (ع) فوضع الاساس وأمرهم أن يحفروا.

قال : فغيبت عنهم الحية وحفروا حتى انتهوا الى موضع القواعد قال علي بن الحسين (ع) تنحوا فتنحوا فدنا منهم فغطاها بثوبه ثم بكى. ثم غطاها بالتراب بيد نفسه ثم دعا الفعلة. فقال : ضعوا بناءكم فوضعوا البناء. فلما ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فقلب فألقى في جوفه فلذلك صار البيت مرتفعا يصعد اليه بالدرج.

(كيف حج رسول الله ص وآله)

عن ابي عبد الله (ع) قال : ان رسول الله ص وآله حين حج حجة الاسلام خرج في أربع بقين من ذي القعدة حتى أتى الشجرة. فصلى بها ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها وأهل بالحج وساق مائة بدنة.

٥٠٥

وأحرم الناس كلهم بالحج لا ينوون عمرة ولا يدرون ما المتعة حتى اذا قدم رسول الله ص وآله مكة طاف بالبيت وطاف الناس معه ثم صلى ركعتين عند المقام واستلم الحجر. ثم قال : ابدأ بما بدىء الله عزوجل فأتى الصفا فبدأ بها ثم طاف بين الصفا والمروة سبعا فلما قضى طوافه عند المروة قام خطيبا فأمرهم ان يحلوا ويجعلوها عمرة وهو شيء أمر الله عزوجل به فأحل الناس. وقال رسول الله ص وآله : لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ولم يكن يستطيع ان يحل من أجل الهدي الذي كان معه.

ان الله عزوجل يقول :

(وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) ٢ / ١٩٥ ى

فقال سراقة بن مالك بن جعشم الكناني : يا رسول الله علمنا كأنا خلقنا اليوم أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكل عام. فقال رسول الله ص وآله لا بل للابد الابد. وان رجلا قام فقال يا رسول الله نخرج حجاجا ورؤوسنا تقطر. فقال رسول الله ص وآله : انك لن تؤمن بهذا ابدا ـ وكان القائل عمر بن الخطاب ولذا أول ما بدء في عهده تحريم متعة الحج هذه ومتعة النساء وحي على خير العمل في الأذان وقد اجمع الرواة على أنه قال على المنبر ثلاث كانت على عهد رسول الله حلالا وانا محرمهن ومعاقب على فعلهن وذكر الثلاث (ق).

قال وأقبل علي (ع) من اليمن حتى وافى الحج فوجد فاطمة (ع) قد أحلت ووجد ريح الطيب. فانطلق الى رسول الله ص وآله فقال ص وآله يا علي بأي شيء أهللت فقال (ع) : أهللت بما أهل به النبي ص وآله. فقال : لا تحل انت فأشركه في الهدي وجعل له سبعا وثلاثين. ونحر هو ص وآله ثلاثا وستين فنحرها بيده ثم اخذ من كل بدنة بضعة فجعلها في قدر واحد ثم أمر به فطبخ فأكل منه وحسا من المرق.

٥٠٦

وقال : قد أكلنا منها الان جميعا. والمتعة خير من القارن السائق وخير من الحج المفرد قال : وسألته أليلا أحرم رسول الله ص وآله أم نهارا فقال : نهارا بعد صلاة الظهر.

(لا يحق للزوج ان يمنع زوجته من الحج الواجب)

عن علي بن ابي حمزة عن ابي عبد الله (ع) قال : سألته عن امرأة لها زوج أبى أن يأذن لها أن تحج ولم تحج حجة الاسلام فغاب زوجها عنها وقد نهاها أن تحج فقال (ع) : لا طاعة له عليها في حجة الاسلام فلتحج ان شاءت.

وعن ابي جعفر (ع) قال : الحج أشهر معلومات.

فقال (ع) : هم شوال. وذو القعدة. وذو الحجة ليس لأحد أن يحج فيما سواهن.

(حج التمتع افضل من الاقران والانفراد)

عن معاوية بن عمار قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : الحج ثلاثة أصناف :

حج مفرد. وقران. وتمتع بالعمرة الى الحج وبها أمر رسول الله ص وآله والفضل فيها ولا نأمر الا بها.

وعنه (ع) قال : ما نعلم حجا لله غير المتعة انا اذا لقينا ربنا قلنا ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك. ويقوم القوم : عملنا برأينا فيجعلنا الله واياهم حيث يشاء.

(بعض ما يجب على الحاج المتمتع)

عن ابي عبد الله (ع) قال : على المتمتع بالعمرة الى الحج ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة. فعليه اذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام ابراهيم (ع) وسعي بين الصفا والمروة. ثم يقصر

٥٠٧

وقد أحل. هذا للعمرة. وعليه للحج طوافان وسعي بين الصفا والمروة. ويصلى عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام ابراهيم (ع) طواف الحج وطواف النساء.

(من حج عن غيره فله تسعة اعشار الاجر)

عن عبد الرحمن بن سنان قال : كنت عند ابي عبد الله (ع) اذ دخل عليه رجل فأعطاه ثلاثين دينارا يحج بها عن ولده ولم يترك شيئا من العمرة الى الحج الا اشترطه عليه حتى اشترط عليه ان يسعى عن وادي محيسر ثم قال : يا هذا اذا انت فعلت هذا كان لاسماعيل حجة بما انفق من ماله. وكان لك تسع بما أتعبت من بدنك.

(يمكن للحاج والزائر اشراك جماعة في حجه وزيارته)

عن علي بن ابراهيم الحضرمي عن ابيه قال : رجعت من مكة فلقيت ابا الحسن موسى (ع) في المسجد وهو قاعد فيما بين القبر والمنبر فقلت : يا ابن رسول الله اني اذا خرجت الى مكة ربما قال لي الرجل : طف عني اسبوعا وصل ركعتين فاشتغل عن ذلك فاذا رجعت لم أدر ما أقول له فقال (ع) : اذا أتيت مكة فقضيت نسكك فطف اسبوعا وصل ركعتين ثم قل اللهم ان هذا الطواف وهاتين الركعتين عن ابي وامي. وعن زوجتي وعن ولدي وعن حامتي. وعن جميع أهل بلدي حرهم وعبدهم وابيضهم وأسودهم.

فلا تشاء ان قلت للرجل : اني قد طفت عنك وصليت عنك ركعتين الا كنت صادقا فاذا اتيت قبر النبي ص وآله فقضيت ما يجب عليك فصل ركعتين ثم قف عند رأس النبي ص وآله. ثم قل : السّلام عليك يا نبي الله من ابي وامي وزوجتي وولدي وجميع حامتي. ومن جميع أهل بلدي حرهم وعبدهم وابيضهم واسودهم. فلا تشاء ان تقول للرجل : اني أقرئت رسول الله ص وآله عنك السّلام الا كنت صادقا).

٥٠٨

مواقيت الاحرام للحاج

عن معاوية بن عمار. عن ابي عبد الله (ع) قال : من تمام الحج والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله ص وآله. ولا تجاوزها الا وأنت محرم فانه وقت لأهل العراق ولم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق. ووقت لاهل اليمن بلملم. ووقت لأهل الطائف قرن المنازل. ووقت لاهل المغرب الجحفة وهي مهيعة. ووقت لاهل المدينة الحليفة (١). ومن كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله. وفي خبر أن ميقات العقيق لأهل نجد وما يليها.

(حكم من تجاوز الميقات بغير احرام)

عن الحلبي قال : سألت ابا عبد الله (ع) عن رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم قال (ع) : يخرج الى ميقات أهل أرضه فان خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه. فان استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم.

(يكفي غسل المدينة عن غسل الميقات)

عن هشام بن سالم قال : ارسلنا الى ابي عبد الله (ع) ونحن جماعة ونحن بالمدينة : انا نريد أن نودعك فأرسل الينا ان اغتسلوا بالمدينة فاني أخاف أن يعسر عليكم الماء بذي الحليفة. فاغتسلوا بالمدينة والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ثم تعالوا فرادى أو مثانى.

(الدعاء والاشتراط عند الاحرام)

عن ابي عبد الله (ع) قال : لا يكون احرام الا في دبرة صلاة مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم وان كانت نافلة صليت ركعتين

__________________

(١) وهو مسجد الشجرة.

٥٠٩

وأحرمت في دبرهما. فاذا انفتلت من صلاتك فاحمد الله وأثن عليه. وصل على النبي ص وآله وقل : اللهم اني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك فاني عبدك وفي قبضتك. لا أوقى الا ما وقيت ولا آخذ الا ما أعطيت وقد ذكرت الحج. فأسألك ان تعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك وتقويني على ما ضعفت عنه. وتسلم مني مناسكي في يسر منك وعافية. واجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت وسميت وكتبت.

اللهم فتمم لي حجتي وعمرتي اللهم اني رأيد التمتع بالعمرة الى الحج على كتابك وسنة نبيك ص وآله. فان عرض لي شيء يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي. اللهم ان لم تكن حجة فعمرة أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب. ابتغي بذلك وجهك والدار الآخرة. قال (ع) : ويجزئك ان تقول هذا مرة واحدة حين تحرم. ثم قم فامش هنيئة فاذا استوت بك الارض ماشيا كنت أو راكبا فلب.

(كيفية التلبية)

عن ابي عبد الله الصادق (ع) قال التلبية : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك. ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك لبيك أهل التلبية. لبيك لبيك داعيا الى دار السّلام. لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك لبيك أهل التلبية ، لبيك لبيك ذا الجلال والاكرام. لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا اليك. لبيك لبيك تبدىء والمعاد اليك. لبيك لبيك كشاف الكرب العظام. لبيك لبيك عبدك وابن عبديك. لبيك لبيك يا كريم لبيك.

تقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة. أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك. واذا علوت شرفا او هبطت واديا او لقيت راكبا او استيقظت من

٥١٠

منامك وبالاسحار واكثر ما استطعت منها وأجهر بها وان تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أن تمامها أفضل.

واعلم انه لابد من التلبية الاربع في أول الكلام وهي فريضة وهي التوحيد وبها لبى المرسلون واكثر من ذي المعارج فان رسول الله ص وآله كان يكثر منها وأول من لبى ابراهيم (ع) قال : ان الله عزوجل يدعوكم الى أن تحجوا بيته فأجابوه بالتلبية فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة الا أجاب بالتلبية.

(المحرم المتمتع يقطع التلبية عند مشاهدة مكة)

قال ابو عبد الله لأحد اصحابه : اذا دخلت مكة وانت متمتع فنظرت الى بيوت مكة فاقطع التلبية وعليك بالتكبير والتهليل والتحميد والثناء على الله عزوجل بما استطعت. وحد بيوت مكة التي كانت قبل اليوم : عقبة المدنيين وان الناس قد احدثوا بمكة ما لم يكن.

(يكفي الايماء للحجر عند الزحام الشديد)

عن ابي عبد الله (ع) قال : كنت أطوف وسفيان الثوري قريب مني فقال : يا ابا عبد الله كيف كان رسول الله ص وآله يصنع بالحجر اذا انتهى اليه فقلت : كان يستلمه في كل طواف فريضة ونافلة. قال : فتخلف عني قليلا فلما انتهيت الى الحجر حجزت ومشيت فلم استلمه فلحقني وقال : يا ابا عبد الله ألم تخبرني أن رسول الله ص وآله كان يستلم الحجر في كل طواف فريضة ونافلة. قلت : بلى. قال : فقد مررت به فلم تستلم فقلت : ان الناس كانوا يرون لرسول الله ص وآله ما لا يرون لي وكان اذا انتهى الى الحجر أفرجوا له حتى يستلمه واني اكره الزحام.

وعنه (ع) ان النساء ليس عليهن جهر بالتلبية ولا استلام الحجر ولا دخول البيت ولا الهرولي في السعي بين الصفا والمروة.

٥١١

(كيفية حج المرأة اذا أتاها الحيض)

عن ابي عبد الله (ع) قال : المرأة المتمتعة اذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها وبين التروية اغتسلت واحتشت ثم سعت بين الصفا والمروة. ثم خرجت الى منى فاذا قضت المناسك زارت البيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثم طافت طوافا للحج. ثم خرجت فسعت فاذا فعلت ذلك فقد أحلت من كل شيء يحل منه المحرم الا فراش زوجها فاذا طافت طواف النساء اسبوعا آخر حل لها فراش زوجها.

(حدود منى للحاج)

عن ابن عمار قال : قال ابو عبد الله (ع) : اذا انتهيت الى منى فقل : اللهم هذه منى وهي مما مننت بها علينا من المناسك فأسألك ان تمن علينا بما مننت به على انبيائك فانما أنا عبدك وفي قبضتك. ثم تصل بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر والامام يصلي بها الظهر لا يسعه الا ذلك وموسع عليك أن تصلي بغيرها ان لم تقدر. ثم تدركهم بعرفات. قال (ع) : وحد منى من العقبة الى وادي محسر.

(حدود عرفة للحاج)

عن ابي عبد الله قال : عرفات كلها موقف وأفضل الموقف سفح الجبل.

وعنه (ع) قال : اذا وقفت بعرفات فأدن عن الهضاب ـ وهي الجبال ـ فان رسول الله ص وآله قال : ان اصحاب الاراك لا حج لهم ـ يعني الذين يقفون عند الاراك وليست من عرفات.

وعنه (ع) قال : قال رسول الله ص وآله في الموقف : ارتفعوا عن بطن عرنة.

وعنه (ع) قال : ان رسول الله ص وآله وقف بعرفات فلما همت

٥١٢

الشمس أن تغيب قبل أن تندفع قال : اللهم اني أعوذ بك من الفقر ومن تشتت الامر ومن شر ما يحدث بالليل والنهار. امسى ظلمي مستجيرا بعفوك. وأمسى خوفي مستجيرا بأمانك وامسى ذلي مستجيرا بعزك. وامسى وجهي الفاني مستجيرا بوجهك الباقي.

يا خير من سئل ويا أجود من أعطى. جللني برحمتك وألبسني عافيتك وأصرف عني شر جميع خلقك. قال عبد الله بن ميمون وسمعت أبي يقول : يا خير من سئل ويا اوسع من اعطى ويا أرحم الراحمين ثم سل حاجتك.

عن يونس بن يعقوب قال : قلت لابي عبد الله (ع) : متى الافاضة من عرفات فقال (ع) : اذا ذهبت الحمرة ـ يعني من الجانب الشرقي

(الوقوف في المشعر وحدوده)

عن الحلبي عن ابي عبد الله (ع) قال : قال : لا تصل المغرب حتى تأتي جمعا فتصلي بها المغرب والعشاء الآخرة بأذن واحد واقامتين وأنزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر ويستحب للضرورة ان يقف على المشعر الحرام ويطأه برجله ولا يجاوز الحياض (١) ليلة المزدلفة ويقول : اللهم هذه جمع. اللهم اني أسألك ان تجمع لي فيها جوامع الخير. اللهم لا تؤاسيني من الخير الذي سألتك ان تجمعه لي في قلبي. وأطلب اليك أن تعرفني ما عرفت أوليائك في منزلي هذا. وان تقيني جوامع الشر. وان استطعت ان تحيي تلك الليلة فافعل فانه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين. لهم دوي كدوي النحل يقول الله جل ثناؤه : أنا ربكم وانتم عبادي أديتم حقي وحق علي أن أستجيب لكم فيحط الله تلك الليلة عمن أراد ان يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن أراد أن يغفر له.

__________________

(١) ـ اي حياض وادي محسر فانها حد عرفة من جهة منى ـ

٥١٣

عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (ع) قال : أصبح على طهر بعد ما تصلي الفجر فقف ان شئت قريبا من الجبل وان شئت حيث شئت فاذا وقفت فاحمد الله واثن عليه واذكر من آلائه وبلائه ما قدرت عليه. وصل على النبي ص وآله. وليكن من قولك : اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار وأوسع علي من رزقك الحلال وادرأ عني شر فسقة الجن والانس. اللهم انت خير مطلوب اليه وخير مدعو وخير مسؤول ولكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني هذا رضاك والجنة. وتقبل معذرتي وان تجاوز عن خطيئتي. ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي. ثم افض حين يشرق لك الجبل وترى الابل موضع اخفاقها. بعد صلاة الصبح وقبل شروق الشمس.

(من أين تؤخذ حصات الجمار)

عن زرارة بن ابي عبد الله (ع) قال : سألته عن الحصى التي يرمى بها الجمار فقال (ع) : انه قال : حصى الجمار تكون مثل الانملة ولا تأخذها سوداء ولا بيضاء ولا حمراء خذها كحلية منقطة تحذفهن حذفا عن يمينك كلهن وتضعها على الابهام وتدفعها بظفر السبابة وأرمها من بطن الوادي ولا ترم على الجمرة. وتقف عند الجمرتين الاوليين ولا تقف عند جمرة العقبة.

(رمى جمرة العقبة يوم النحر)

عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (ع) قال : خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها وتقول والحصى في يدك :

اللهم هؤلاء حصياتي فاحصهن لي وارفعهن في عملي. ثم ترمي وتقول مع كل حصاة الله اكبر ادحر عني الشيطان اللهم تصديقا بكتابك

٥١٤

وعلى سنة نبيك ص وآله. اللهم اجعله حجا مبرورا وعملا مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا. وليكن فيما بينك وبين الجمرة قدر عشرة أذرع فاذا اتيت رحلك ورجعت من الرمي فقل : اللهم بك وثقت وعليك توكلت فنعم الرب ونعم المولى ونعم النصير.

عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (ع) قال : ارم في كل يوم عند زوال الشمس وقل كما قلت حين رميت جمرة العقبة فابدأ بالجمرة الاولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل وقل كما قلت يوم النحر. قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة فاحمد الله واثن عليه وصل على النبي ص وآله ثم تقدم قليلا فتدعو وتسأله ان يتقبل منك. ثم تقدم أيضا ثم افعل ذلك عند الثانية واصنع كما صنعت بالاولى وتقف وتدعو الله كما دعوت ثم تمضي الى الثالثة وعليك السكينة والوقار فارم ولا تقف عندها.

زيارة البيت يوم النحر

عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (ع) في زيارة البيت يوم النحر فقال (ع) : زره فان شغلت فلا يضرك ان تزور البيت من الغدو ولا تؤخره .. فاذا أتيت البيت يوم النحر فقمت على باب المسجد قلت : اللهم أعني على نسكك وسلمني له وسلمه لي أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه ان تغفر لي ذنوبي وان ترجعني بحاجتي. اللهم اني عبدك. والبلد بلدك. والبيت بيتك جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك متبعا لأمرك راضيا بقدرك اسألك مسألة المضطر اليك المطيع لأمرك المشفق من عذابك الخائف لعقوبتك ان تبلغني عفوك وتجيرني من النار برحمتك. ثم تأتي الحجر الاسود فتستلمه وتقبله فان لم تستطع فاستلمه بيدك وقبل يدك. فان لم تستطع فاستقبله وكبر وقل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قدمت مكة. ثم طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة. ثم صل عند مقام ابراهيم (ع) ركعتين ...

٥١٥

ارجع الى الحجر الاسود فقبله ان استطعت واستقبله وكبر.

ثم اخرج الى الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ثم المروة فاصعد عليها وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شيء أحرمت منه الا النساء ثم ارجع الى البيت وطف به اسبوقا اخر ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم (ع) فقد أحللت من كل شيء وفرغت من حجك كله وكل شيء أحرمت منه.

(من لم يطف طوافت النساء حرمت عليه النساء وكذلك المرأة)

عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله قال (ع) : لا تحل له النساء حتى يزور البيت وقال : يأمر أن يقضى عنه ان لم يحج فان توفي قبل ان يطاف عنه فليقض عنه وليه او غيره.

عن ابي عبد الله (ع) : التكبير أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر الى صلاة العصر من آخر ايام التشريق ان انت أقمت بمنى وان انت خرجت فليس عليك التكبير ، والتكبير.

ان تقول : الله اكبر. الله اكبر. لا اله الا الله. والله اكبر. الله اكبر. ولله الحمد الله اكبر على ما هدانا. الله اكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام. والحمد لله على ما أبلانا.

(بدعة عثمان لم تزل الى اليوم)

عن الامام الباقر (ع) قال : حج النبي ص وآله فأقام بمنى ثلاثا يصلي ركعتين ثم صنع ذلك ابو بكر وصنع ذلك عمر ثم صنع ذلك عثمان ست سنين.

ثم أكملها عثمان اربعا ـ بعد الست سنين من خلافته ـ فصلى

٥١٦

الظهر اربعا ثم تمارض ليشد بذلك بدعته فقال للمؤذن : اذهب الى علي فقل له فليصل بالناس العصر فأتى المؤذن عليا (ع) فقال له : ان الامير عثمان يأمرك أن تصلي بالناس العصر.

فقال (ع) : اذن لا أصلي الا ركعتين كما صلى رسول الله ص وآله فذهب المؤذن فأخبر عثمان بما قال علي (ع) فقال : اذهب اليه فقل له : انك لست من هذا في شيء اذهب فصل كما تؤمر فقال علي (ع) : لا والله لا أفعل. فخرج عثمان فصلى بهم اربعا.

فلما كان في خلافة معاوية واجتمع الناس عليه وقتل امير المؤمنين (ع) حج معاوية فصلى بالناس بمنى ركعتين الظهر. ثم سلم فنظرت بنو امية بعضهم لبعض وثقيف ومن كان من شيعة عثمان فقالوا : قد قضى على صاحبكم وخالف واشمت به عدوه فقاموا فدخلوا عليه فقالوا : اتدري ما صنعت زدت على ان قضيت على صاحبنا واشمت به عدوه ورغبت عن صنيعه وسننه. فقال : ويلكم اما تعلمون ان رسول الله ص وآله صلى في هذا المكان ركعتين وابو بكر وعمر وصلى صاحبكم ست سنين كذلك أفتأمرونني ان ادع سنة رسول الله ص وآله وما صنع ابو بكر وعمر وعثمان ست سنين قبل ان يحدث فقالوا : لا والله ما نرضى عنك الا بذلك. قال : فاقبلوا فاني مشفعكم وراجع الى سنة صاحبكم فصلى العصر اربعا فلم يزل الخلفاء والامراء على ذلك الى اليوم) ج ٤ ـ ٥١٩

(وقت النفر من منى)

ـ عن ابي ايوب قال : قلت لابي عبد الله (ع) : انا نريد ان نتعجل السير ـ وكانت ليلة النفر حين سألته ـ فأي ساعة ننفر. فقال (ع) : اما اليوم الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس وكانت ليلة النفر واما اليوم الثالث فاذا ابيضت الشمس فانفر على بركة الله فان الله جل ثناؤه يقول :

(فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)

٥١٧

وعنه (ع) : اذا اردت ان تنفر في يومين فليس لك ان تنفر حتى تزول الشمس وان تأخرت الى اخر ايام التشريق وهو يوم النفر الاخير فلا عليك اي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال او بعده) ج ٤ ـ ٥٢٠

(استحباب الصدقة عند الخروج من مكة)

ـ عن ابي عبد الله الصادق (ع) قال : ينبغي للحاج اذا قضى نسكه واراد ان يخرج ان يبتاع بدرهم تمرا يتصدق به فيكون كفارة لما لعله دخل عليه في حجه من حك او قملة سقطت او نحو ذلك) ج ٤ ـ ٣٣٥

(ما كانت تفعل قريش في الجاهلية)

ـ عن ابي عبد الله الصادق (ع) : كانت قريش تلطخ الاصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر وكان يغوث قبال الباب. وكان يعوق عن يمين الكعبة. وكان نسر عن يسارها. وكانوا اذا دخلوا خروا سجدوا ليغوث ولا ينحنون ثم يستديرون بحيالهم الى يعوق ثم يستديرون بحيالهم الى نسر.

ثم يلبون فيقولون : لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك. الا شريك هو لك تملكه وما ملك.

قال (ع) : فبعث الله ذبابا اخضر له اربعة اجنحة فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئا الا اكله وانزل الله تعالى قوله :

(يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج / ٣٧ ى

ـ عن ابي عبد الله (ع) قال : ان القائم (ع) اذا قام رد البيت الحرام الى اساسه ومسجد الرسول الى اساسه. ومسجد الكوفة الى اساسه) ج ٤ ـ ٥٤٣

٥١٨

(مسجد غدير خم)

ـ عن حسان الجمال قال : حملت ابا عبد الله (ع) من المدينة الى مكة فلما انتهينا الى مسجد الغدير نظر الى ميسرة المسجد فقال (ع) : ذلك موضع قدم رسول الله ص وآله. حيث قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ثم نظر الى الجانب الاخر فقال : ذلك موضع فسطاط ابن فلان وفلان وسالم مولى ابي حذيفة. وابي عبيدة الجراح.

فلما ان رأوه رافعا يديه قال بعضهم لبعض : انظروا الى عينيه تدور كأنهما عينا مجنون فنزل جبرائيل (ع) بهذه الاية :

(وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ، وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) القمر / ٥١ ى

* * *

الحكمة ضالة العقلا

ـ عن رسول الله ص وآله انه قال : ان الله تعالى خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب.

فجعل العلم نفسه ، والفهم وجهه وروحه والزهد رأسه ، والحياء عينيه ، والحكمة لسانه. والرقة همه. والرحمة قلبه ثم حشاه وقواه بعشرة اشياء : اليقين والايمان ، والصدق والسكينة والاخلاص والرفق والعطية والقنوع والتسليم والشكر.

ثم قال عزوجل : ادبر فادبر. ثم قال له : اقبل فاقبل ثم قال له : تكلم. فقال : الحمد لله الذي ليس له ضد ولا ند ولا شبيه ، ولا كفو ولا عديل ولا مثل الذي كل شيء لعظمته خاضع ذليل. فقال له الرب

٥١٩

تعالى : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا احسن منك ولا اطوع لي منك ولا ارفع منك ولا اشرف منك ولا اعز منك.

بك اوحد. وبك اعبد. وبك ادعى ، وبك ارتجى. وبك ابتغى وبك أخاف. وبك آخذ وبك الثواب. وبك العقاب.

فخر العقل عند ذلك ساجدا. الى ما شاء الله تعالى. ثم قال له الرب تعالى :

ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع. فرفع العقل رأسه فقال :

الهي اسئلك ان تشفعني فيمن خلقتني فيه. فقال الله جل جلاله لملائكته : اشهدوكم اني قد شفعته فيمن خلقته فيه.

فقيل للامام الصادق (ع) : فما هذا الذي كان في معاوية. فقال (ع) : تلك نكرة وشيطنة شبيهة بالعقل وليست هي العقل.

ـ روى ان النبي ص وآله مر بمجنون فقال ماله : فقيل انه مجنون. فقال ص وآله : بل هو مصاب. انما المجنون من آثر الدنيا على الآخرة.

ـ عن الصادق (ع) : الناس ثلاثة : عالم ومتعلم وغثاء. فنحن العلماء. وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء.

ـ عن الصادق (ع) : ان من العلماء من يحب ان يخزن علمه فلا يؤخذ عنه فذاك في الدرك الاول من النار. ومن العلماء من اذا وعظ أنف. واذا وعظ عنف فذاك في الدرك الثاني من النار.

ومن العلماء من يرى ان يضع العلم عند ذوي الثروة ولا يرى له في المساكين وضعا. فذلك في الدرك الثالث من النار.

ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين. فان رد عليه شيء من قوله او قصر في شيء من امره غضب. فذاك في الدرك الرابع من النار.

ومن العلماء من يطلب احاديث اليهود والنصارى ليعزز به علمه

٥٢٠